خواطر قرآنية تفسيرة (3)
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على خير الخلق وأشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهمّ علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمتنا وزدنا علماً نافعاً يقرّبنا إليك، موضوع خوارطرنا اليوم هو آية (77) من سورة يوسف فعندما كنت اقراء هذه الآية لم افهم لما اتهمَ أخوتُه بهذا الاتهام والامر كان مبهماً وهذا جعلني افكر كثير لماذا قال أخوات يوسف إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل هل فكرت لماذا نسبو سرقة اخيه لسرقة يوسف وهل حقًا سرق يوسف أم هذا ادعاء فهيا بينا نطوف حول تفسير هذه الآية من الذكر الحكيم وتفسير معناها وأظن ان هناك الكثير من الناس لم يلتف لهذه الآية
﴿۞ قَالُوۤا۟ إِن یَسۡرِقۡ فَقَدۡ سَرَقَ أَخࣱ لَّهُۥ مِن قَبۡلُۚ فَأَسَرَّهَا یُوسُفُ فِی نَفۡسِهِۦ وَلَمۡ یُبۡدِهَا لَهُمۡۚ قَالَ أَنتُمۡ شَرࣱّ مَّكَانࣰاۖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (٧٧) ﴾ [يوسف ٧٧ ]
أولًا ننظر إلي تفسير ابن الجوزي
:- وَفِي ما عَنَوْا بِهَذِهِ السَّرِقَةِ سَبْعَةُ أقْوالٍ:
- أحَدُها: أنَّهُ كانَ يَسْرِقُ الطَّعامَ مِن مائِدَةِ أبِيهِ في سِنِي المَجاعَةِ، فَيُطْعِمُهُ لِلْمَساكِينِ، رَواهُ عَطاءٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
- والثّانِي: أنَّهُ سَرَقَ مِكْحَلَةً لِخالَتِهِ، رَواهُ أبُو مالِكٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
- والثّالِثُ: أنَّهُ سَرَقَ صَنَمًا لِجَدِّهِ أبِي أُمِّهِ، فَكَسَرَهُ وألْقاهُ في الطَّرِيقِ، فَعَيَّرَهُ إخْوَتُهُ بِذَلِكَ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، ووَهَبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وقَتادَةُ.
- والرّابِعُ: أنَّ عَمَّةَ يُوسُفَ - وكانَتْ أكْبَرَ ولَدِ إسْحاقَ - كانَتْ تَحْضُنُ يُوسُفَ وتُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا، فَلَمّا تَرَعْرَعَ، طَلَبَهُ يَعْقُوبُ، فَقالَتْ: ما أقْدِرُ أنْ يَغِيبَ عَنِّي، فَقالَ: واللَّهِ ما أنا بِتارِكِهِ، فَعَمَدَتْ إلى مِنطَقَةِ إسْحاقَ، فَرَبَطَتْها عَلى يُوسُفَ تَحْتَ ثِيابِهِ، ثُمَّ قالَتْ: لَقَدْ فَقَدْتُ مِنطَقَةَ إسْحاقَ، فانْظُرُوا مَن أخَذَها، فَوَجَدُوها مَعَ يُوسُفَ، فَأخْبَرَتْ يَعْقُوبَ ذَلِكَ، وقالَتْ: واللَّهِ إنَّهُ لِي أصْنَعُ فِيهِ ما شِئْتُ، فَقالَ: أنْتِ وذاكَ، فَما قَدَرَ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ حَتّى ماتَتْ، فَذاكَ الَّذِي عَيَّرَهُ بِهِ إخْوَتُهُ، رَواهُ ابْنُ أبِي نُجَيْحٍ عَنْ مُجاهِدٍ.
- والخامِسُ: أنَّهُ جاءَهُ سائِلٌ يَوْمًا، فَسَرَقَ شَيْئًا، فَأعْطاهُ السّائِلَ، فَعَيَّرُوهُ بِذَلِكَ. وفي ذَلِكَ الشَّيْءِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّهُ كانَ بَيْضَةً، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّانِي: أنَّهُ شاةٌ، قالَهُ كَعْبٌ. والثّالِثُ: دَجاجَةٌ، قالَهُ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
- والسّادِسُ: أنَّ بَنِي يَعْقُوبَ كانُوا عَلى طَعامٍ، فَنَظَر يُوسُفُ إلى عِرْقٍ، فَخَبَّأهُ، فَعَيَّرُوهُ بِذَلِكَ، قالَهُ عَطِيَّة العَوْفِيُّ، وإدْرِيسُ الأوْدِيُّ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: ولَيْسَ في هَذِهِ الأفْعالِ كُلِّها ما يُوجِبُ السَّرِقَةَ، لَكِنَّها تُشْبِهُ السَّرِقَةَ، فَعَيَّرَهُ إخْوَتُهُ بِذَلِكَ عِنْدَ الغَضَبِ.
- والسّابِعُ: أنَّهم كَذَبُوا عَلَيْهِ فِيما نَسَبُوهُ إلَيْهِ، قالَهُ الحَسَنُ. وقَرَأ أبُو رَزِينٍ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: ﴿فَقَدْ سَرَقَ﴾ بِضَمِّ السِّينِ وكَسْرِ الرّاءِ وتَشْدِيدِها.
زاد الميسر في علم التفسير — ابن الجوزي (٥٩٧ هـ)) ٧١٠ ، ٧١١ دار ابن حازم
وعن تفسير البيضاوي
فَقَدْ سَرَقَ أخٌ لَهُ مِن قَبْلُ﴾ يَعْنُونَ يُوسُفَ. قِيلَ ورِثَتْ عَمَّتُهُ مِن أبِيها مِنطَقَةَ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وكانَتْ تَحْضُنُ يُوسُفَ وتُحِبُّهُ، فَلَمّا شَبَّ أرادَ يَعْقُوبُ انْتِزاعَهُ مِنها فَشَدَّتِ المِنطَقَةَ عَلى وسَطِهِ، ثُمَّ أظْهَرَتْ ضَياعَها فَتَفَحَّصَ عَنْها فَوُجِدَتْ مَحْزُومَةً عَلَيْهِ فَصارَتْ أحَقَّ بِهِ في حُكْمِهِمْ. وقِيلَ كانَ لِأبِي أُمِّهِ صَنَمٌ فَسَرَقَهُ وكَسَرَهُ وألْقاهُ في الجِيَفِ. وقِيلَ كانَ في البَيْتِ عَناقٌ أوْ دَجاجَةٌ فَأعْطاها السّائِلَ. وقِيلَ دَخَلَ كَنِيسَةً وأخَذَ تِمْثالًا صَغِيرًا مِنَ الذَّهَبِ.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل المعروف بتفسير البيضاوي — البيضاوي (٦٨٥ هـ) ٣ / ١٧٢ دار إحياء التراث العربي
وفي النهاية تفسير النسفي
أرادُوا يُوسُفَ، قِيلَ دَخَلَ كَنِيسَةً فَأخَذَ تَمْثالًا صَغِيرًا مِن ذَهَبٍ كانُوا يَعْبُدُونَهُ فَدَفَنَهُ،وَقِيلَ كانَ في المَنزِلِ دَجاجَةٌ فَأعْطاها السائِلَ، وقِيلَ: كانَتْ مِنطَقَةٌ لِإبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَلامُ يَتَوارَثُها أكابِرُ ولَدِهِ فَوَرِثَها إسْحَقَ ثُمَّ وقَعَتْ إلى ابْنَتِهِ وكانَتْ أكْبَرَ أوْلادِهِ فَحَضَنَتْ يُوسُفَ وهي عَمَّتُهُ بَعْدَ وفاةِ أُمِّهِ وكانَتْ لا تَصْبِرُ عَنْهُ فَلَمّا شَبَّ أرادَ يَعْقُوبُ أنْ يَنْزِعَهُ مِنها فَعَمَدَتْ إلى المِنطَقَةِ فَحَزَمَتْها عَلى يُوسُفَ تَحْتَ ثِيابِهِ وقالَتْ: فُقِدَتْ مِنطَقَةُ إسْحاقَ فانْظُرُوا مَن أخَذَها فَوَجَدُوها مَحْزُومَةً عَلى يُوسُفَ فَقالَتْ إنَّهُ لِي سَلَمٌ أفْعَلُ بِهِ ما شِئْتُ فَخَلّاهُ يَعْقُوبُ عِنْدَها حَتّى ماتَتْ، ورُوِيَ أنَّهم لَمّا اسْتَخْرَجُوا الصاعَ مِن رَحْلِ بِنْيامِينَ نَكَّسَ إخَوَتُهُ رُءُوسَهم حَياءً وأقْبَلُوا عَلَيْهِ وقالُوا لَهُ فَضَحْتَنا وسَوَّدْتَ وُجُوهَنا، يا بَنِي راحِيلَ ما يَزالُ لَنا مِنكم بَلاءٌ مَتى أخَذْتَ هَذا الصاعَ فَقالَ بَنُو راحِيلَ الَّذِينَ لا يَزالُ مِنكم عَلَيْهِمْ بَلاءٌ ذَهَبْتُمْ بِأخِي فَأهْلَكْتُمُوهُ ووَضَعَ هَذا الصُواعَ في رَحْلَيِ الَّذِي وضَعَ البِضاعَةَ في رِحالِكم
تفسير النسفي المسمي مدارك التنزيل وحقائق التأويل— النسفي (٧١٠ هـ) ٢ /٥٢٩ تحقيق سيد زكريا مكتبة نزار مصطفى الباز
اما عن تفسير الطبري
وقد اختلف أهل التأويل في"السَّرَق" الذي وصفُوا به يوسف.
فقال بعضهم: كان صنمًا لجده أبي أمه، كسره وألقاء على الطريق.
* ذكر من قال ذلك:
١٩٦٠٠- حدثنا أحمد بن عمرو البصري قال، حدثنا الفيض بن الفضل قال، حدثنا مسعر، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: ﴿إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل﴾ ، قال: سرق يوسف صَنَمًا لجده أبي أمه، كسره وألقاه في الطريق، فكان إخوته يعيبونه بذلك.
١٩٦٠١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿فقد سرق أخ له من قبل﴾ ذكر أنه سرق صنمًا لجده أبي أمه، فعيَّروه بذلك.
١٩٦٠٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل﴾ : أرادوا بذلك عيبَ نبيّ الله يوسف. وسرقته التي عابوه بها، صنم كان لجده أبي أمه، فأخذه، إنما أراد نبيُّ الله بذلك الخير، فعابوه.
١٩٦٠٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج في قوله: ﴿إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل﴾ ، قال: كانت أمّ يوسف أمرت يوسف يسرق صنمًا لخاله يعبده، وكانت مسلمةً.
وقال آخرون في ذلك ما
:- ١٩٦٠٤- حدثنا به أبو كُرَيب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي قال: كان بنو يعقوب على طعام، إذْ نظرَ يوسف إلى عَرْق فخبأه، فعيّروه بذلك ﴿إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل﴾ .
وقال آخرون في ذلك بما
:- ١٩٦٠٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد أبي الحجاج قال: كان أوّل ما دخل على يوسف من البلاء، فيما بلغني أن عَمَّته ابنة إسحاق، وكانت أكبر ولد إسحاق، وكانت إليها [صارت] منطقة إسحاق وكانوا يتوارثونها بالكبر، فكان من اختانها ممن وليها كان له سَلَمًا لا ينازع فيه، يصنع فيه ما شاء.
وكان يعقوب حين وُلِد له يوسف، كان قد حضَنه عَمَّتَهُ فكان معها وإليها، فلم يحبَّ أحدٌ شيئًا من الأشياء حُبَّهَا إياه. حتى إذا ترعرع وبلغ سنواتٍ، ووقعت نفس يعقوب عليه، أتاها فقال، يا أخيَّة سلّمي إليّ يوسف، فوالله ما أقدر على أن يغيب عني ساعة! قالت: فوالله ما أنا بتاركته، والله ما أقدر أن يغيب عني ساعة! قال: فوالله ما أنا بتاركه! قالت: فدعه عندي أيامًا أنظرْ إليه وأسكن عنه، لعل ذلك يسلّيني عنه ،
أو كما قالت. فلما خرج من عندها يعقوب عمدت إلى مِنْطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه، ثم قالت: لقد فقدت مِنْطقة إسحاق، فانظروا من أخذها ومن أصابها؟ فالتُمِسَتْ، ثم قالت: كشِّفوا أهل البيت!فكشفوهم، فوجدوها مع يوسف، فقالت: والله إنه لي لسَلَمٌ، أصنع فيه ما شئت. قال: وأتاها يعقوب فأخبرته الخبر، فقال لها: أنت وذاك إن كان فعل ذلك، فهو سَلَمٌ لك، ما أستطيع غير ذلك. فأمسكته فما قدر عليه حتى ماتت. قال: فهو الذي يقول إخوة يوسف حين صنع بأخيه ما صنع حين أخذه: ﴿إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل﴾ .
- قال ابن حميد. قال ابن إسحاق: لما رأى بنو يعقوب ما صنع إخْوة يوسف، ولم يشكُّوا أنه سرق، قالوا: أسفًا عليه، لما دخل عليهم في أنفسهم تأنيبًا له: ﴿إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل﴾ . فلما سمعها يوسف قال: ﴿أنتم شر مكانًا﴾ ، سِرًّا في نفسه ﴿ولم يبدها لهم﴾ ، ﴿والله أعلم بما تصفون﴾ .
جامع البيان عن تأويل القرآن تفسير الطبري — ابن جرير الطبري (٣١٠ هـ )) ٦ / ٦٦٦ : ٦٦٨ دار الحديث القاهرة
هكذا لكل بداية نهاية وخير العمل ما حسن اخره وخير الكلام ما قل ودل وبعد هذا الجهد المتواضع أتمنى أن أكون موفقًا في سردي لتفاسير علمائنا الاجلاء السابقة سرد لا ملل فيه ولا تقصير موضحًا عدة تفاسير حول هذه الآية الكريمة التي كان فيها جزء مبهماً اتمنى أتمنى من الله أن أكون كفيت ووفيت وفقني الله وإياكم لما فيه صالحنا جميعًا.
تعليقات
إرسال تعليق